الواقع في سطور

(القبيلة لا تُحصر في ختم)

✍️أ.عشق بن سعيدان 

كان للقبائل ورجالها شيوخ وفرسان دور كبير وهام وتاريخي في فتوحات المملكة مع الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود (رحمه الله)،
وهذا الدور موثق في ارشيف الدولة ومعروف، وبعد ما أمن الله علينا بتوحيد هذه المملكة العظيمة
واستتب الأمن، ودانت الناس على طاعه ولي الأمر.

وغربت شمس البغضاء والفقر والجوع والجهل والظلال والبدع،
وبزغت شمس الوحدة والألفة والعلم، والدين ورغد العيش الكريم.

كان الشيوخ والفرسان وأعيان القبائل مقدرين ولهم مكانتهم عند الملك المؤسس، وكان كل هؤلاء قبل وبعد الحكم لم يكن لديهم ما يسمى اليوم (ختم) حتى بداية الثمانينيات الهجرية شرعت الدولة في صرف أختام للقبائل الهدف منها حصر الناس بتعريف من هذه الأختام؛ لمنح جنسيه الدولة الوليدة.

واليوم بعد مئة عام وفي هذا العصر هل مازال لهذه الأختام دور؟!
خصوصاً أنها سببت الكثير والكثير من المشاكل والاختلافات بين القبائل وبين الأسر، وكان وجودها سبباً في البغضاء والقطيعة والتي توارثها الأبناء، وأبناء الأبناء حتى يومنا هذا
عندما نتحدث عن الختم؛ فلا يعني أننا نهمش دور القبيلة وأعرافها أو عاداتها الحميدة والنبيلة المستمدة من الدين الحنيف.

فلا شأن للختم بالقبيلة أو القبلية
بل هذه الأختام أساءت كثيرًا للقبائل وأفرادها؛ خصوصاً اننا نعلم جيداً أنها اصبحت للمباهاة والمفاخرة،
وخلق طبقية جديدة من نوع خاص.

عندما يقول البعض الشيوخ كانوا مع الملك المؤسس وهذه الأختام تقديرا لهم، سنقول أن كل من كان مع الملك المؤسس لم يكن لديه ختم! وإنما هو شيخ ورث مشيخته عن أسلافهعرفاً والبعض منهم لم يصرف له ختم من الأساس رغم تاريخه العريق
ومن وجه نظر البعض أن هناك تداخلات وأخطاء حصلت في منح بعض من هذه الأختام، وأنها صرفت لأشخاص يرى كل طرف منهم أنه أحق بها من الآخر.

ويتساءل البعض:
هل بعض شيوخ القبائل الحاليين هم أحفاد الشيوخ الأوائل المعتبرين،
أعتقد أن الكثير داخل البيت القبلي يعرف معرفة تامة.

إن الكثير والكثير من هذه الأختام ليست مع أحفاد الشيوخ المعروفين أو المعترف بهم تاريخياً في قبائلهم.

هل الختم هو عنوان للمشيخة!؟
إن كان كذلك فهذا تهميش لبعض الشيوخ المعروفين والذين لا يحملون هذه الأختام.

ونحن في دولة العدل والمساواة والتي لن ترضى باستمرار هذه الأمور
الشيخ معروف بتاريخه وتاريخ آبائه من قبله، ونحن الآن نعيش في عصر مختلف عن الماضي اختلافًا كليًا وجذريًا.

وهذه الأختام التي لا يؤيد وجودها إلا المنتفعون والمستفيدون منها فقط
لكن حصر قبيلة كاملة بجميع أفرادها في ختم أعتقد أنه موضوع يستحق النظر.

وللإجابة عن تساؤلات البعض:
هل المشيخة تأسست بختم؟! (لا)
هل أعراف القبيلة يسنها حامل الختم؟! (لا)
هل أفراد القبيلة تابعين لحامل الختم؟! (لا)
بل يتبعون لدولتهم ولقيادتهم ولا يربطهم بهذا الختم أو حامله أي شيء
هل سيستفيد أفراد القبيلة المحتاجين من هذه الأختام؟! (لا)
هل تضرر المجتمع من هذه الأختام؟! (نعم)
لأن هذه الأختام فقط توجد على أوراق الديات بالملايين،
وعلى غيرها من الأمور المماثلة المرهقة مجتمعياً مادياً ومعنوياً وأمنياً، وأيضًا سهلت فعل الجريمة في عقول المراهقين بالأخص
وغيرها من المواضيع التي ضررها أكثر من نفعها.
هل رأينا هذه الأختام على ورقة علاج؟! (لا)
أو مساعدة أيتام؟! (لا)

المجتمع القبلي في المملكة العربية السعودية، خرج منه العلماء والسفراء والوزراء ومنه من يحملون براءات اختراع، ومنهم من رفع راية الوطن في كل محفل وكل مناسبة عالمية؛
فهل يعقل أن يُحصر اسم الشريحة الأكبر من الشعب في أختام مع أشخاص محددين؟!
نحن الآن في مجتمع مدني يتمتع ويتصف بالرقي في دولة رائدة في مجال الخدمات الحكومية الرقمية التي تقدمها لمواطنيها.

ولسنا بحاجة أختام عفا عليها الزمن ليس لها دور وليس هذا زمانها أو مكانها.

هذه الأختام تتعارض مع المجتمع المدني الجديد بكل شيء،
تثبت لنا الأحداث يوماً بعد يوم أن هذه الأختام أصبحت عبئًا ثقيلًا على المجتمع، وأنها أداة سلبية.

فهذه الأختام أحدثت في المجتمع طبقية مقيتة، وإلغاؤها سيكون أحد الأسباب التي تُسهم في صناعة جيل يتميز بفكر مجتمعي عالي المستوى والإدراك والترابط.

✍🏻عشق بن محمد بن سعيدان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى