قلم عربي

مكة والرواية العربية

✍️ الروائي العربي: عبدالواحد محمد

لها جلال وبهاء مكة المفرد والجمع والضمير والمحتوى بل الكينونة التي غيرت وجه العالم بكل تراثها وعراقتها وقدسية منهجها منذ التاريخ. وحكم آل سعود الذين جعلوا من مكة شعاع حضاري ورمزا للسلام والوئام مع الآخر، فكانت مكة سلام الرواية العربية وحاضرها ومستقبلها بين ضفاف لغة اسمها السلام اسمها مكة الإبداع.
ومن عجائب أهل مكة على مر مئات من السنين كانت لهم عادة يسمونها “الرَّكب” فما هو الركب نتساءل معا بكل ضمير الرواية العربية ماهو الرَّكب؟
الركب هو عادة مكية أصيلة تقام سنويا وتقام في أول جمعة من شهر رجب المعظم، وهي قافلة سفرية مكونة من مجموعة كبيرة من الأفراد يسافرون من مكة إلى المدينة المنورة لزيارة النبي ﷺ، بعد أن يتم تجمعهم من 12 حارة من أحياء مكة المكرمة يتم توديعهم على طريق المدينة باتجاه مسجد السيدة عائشة -رضي الله عنها- ويسيرون على بركة الله ليلتقوا مع ركب أهالي جدة والطائف على طريق عسفان،فكان في كل سنة في شهر رجب يحدوا الحداة في طرقات مكة، يذكرون الناس بزيارة رسول الله ﷺ.
كانت همم الناس تتحزم.. ويجهزون رواحلهم، وينطلقون في هذا الركب الذي يجتمع فيه المئات من الناس، ويكون لهذا الركب قائد.. ويكون لهذا الركب حاد ينشد الأشعار في مدح الحبيب المختار ﷺ، فيهيِّج الإبل وينشطها للسير، واستمرت هذه العادة إلى وقت قريب..
يقول الشيخ محمد السقاف: «وقد أدركت آخر من كانوا يحضرون هذا الركب من شيبان مكة. وكان منهم رجل اسمه عم “عبد العزيز محضر” رحمه الله، سمعنا منه: أن أعجب شيء كان يتكرر في رحلات الركب أنهم كانوا يسيرون بالإبل لمدة أسبوعين أو أكثر، فإذا وصلوا إلى منطقة عروة، عند بئر عروة، يبيتون وبعد الفجر يغتسلون ويلبسون ثيابا طيبة، استعدادا لدخول المدينة المنورة، وكنا إذا وصلنا إلى منطقة اسمها “ثنية المفرحات” ترى الإبل القبة الخضراء عن بعد، فإذا رأت الإبل القبة الخضراء، وتنسمت نسيم المدينة المنورة، تهيج هيجانًا شديدًا، ثم تنطلق بشدة، فنمسك بزمامها بكل قوة فلا نكاد نستطيع، ولا تتوقف حتى يجرح الزمام أفواهها ويخرج منها الدم، ولا تتوقف إلا عند باب المسجد النبوي الشريف وهي عند القبة الخضراء، فتبكي الأبل وتئن أنينًا، وتذرف دموعًا كالمطر، وكان الناس إذا رأوا هذا المنظر المهيب يبكون بكاءً شديدًا لما يرون من أثر الحب والشوق للحبيب ﷺ عند الإبل»، لنعرف أن الكائنات حتى بعد وفاته ﷺ تعرف الحب والوجد والشوق إلى سيد الكائنات ﷺ. مكة الأهل والإنسانية والوطن ولغة الرواية العربية التي تعيش داخل كل من يؤمن بالسلام لغة إبداع في عصر الإنترنت وكل عصور الإنسانية.

عبد الواحد محمد روائي عربي
Abdelwahedmohaned@yahoo.cim

…………………………………..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى