جمعة مباركةمقالات

أعيدوا بناء العالم

✍🏼د.علي الشعواني 

أنعم الله على عباده بنعم كثيرةٍ وعظيمةٍ، ومن هذه النعم نعمة الإسلام، فهو دينٌ شاملٌ لكلّ ما في حياة المسلم من جوانب اجتماعية وحياتية مختلفة.

ومما هو معروف كان المجتمع قبل بعثة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- يعاني من الظلم والفساد، فالقوي يأكل حقّ الضعيف، وله السلطان عليه، ولمّا جاء رسول الله كان لزاماً عليه أن يضع حدوداً لذاك المجتمع الذي تملؤه الهجمية، فوضع مجموعةً من الأسس والمقومات التي قام عليها المجتمع الإسلامي، ومن هذه المقومات:
أ- الإيمان بوحدانية الله؛ فبعد أن كان المجتمع مشتتا بعبادة الأوثان وغيرها ممّا لا يضرّ ولا ينفع، اجتمعت قلوبهم على عبادة الله الواحد الأحد، الذي ليس كمثله شيءٌ، فهذا التوحيد نقل شخصيات المجتمع من التشتت والضياع إلى عالم ظهرت فيه معالم الشخصية المسلمة.

ب- التضامن بين أفراد الأمة الإسلامية؛ وقد قام هذا الأساس على مبادئ: التعاون والصفاء والإخاء، ممّا أدّى إلى اندماج أفراد المجتمع فيما بينهم، والقضاء على الفوارق التي كانت قد تفشّت فيما بينهم بناءً على جوانب متعددةٍ، كالعصبية للقبيلة والفوارق الاجتماعية.

ج- الآداب الأخلاقية والسلوكية وضوابطها؛ وذلك حتى يسير الفرد في مجتمعه سيراً هادفاً ومهذباً، فوضع الإسلام آداباً للاستئذان والدخول على الغير، ووضع الحدود على الجرائم التي تقع في المجتمع، فشرع من أجل ذلك الحدود والقصاص وغير ذلك.

د- الشورى بين أفراد المجتمع؛ فلما كانت غاياتهم واحدة ومشاكلهم مجتمعة، كان لا بدّ من إيجاد الحلول لهذه المشاكل بروح الجماعة واليد الواحدة، ومعبرةً عن روحها الواحدة والإرادة الواعية التي تمثّلها.

ومن الطرائف كذلك ما نشره الكاتب البرازيلي الشهير “باولو كويلو” قصة قصيرة يقول فيها: “كان الأب يحاول أن يقرأ الجريدة، ولكن ابنه الصغير لم يكف عن مضايقته؛ وحين تعب الأب من ابنه قام بقطع ورقة في الصحيفة كانت تحوي على خريطة العالم ومزقها إلى قطع صغيرة وقدمها لابنه وطلب منه إعادة تجميع الخريطة.. ثم عاد لقراءة صحيفته.. ظانا أن الطفل سيبقى مشغولا بقية اليوم.. إلا أنه لم تمر خمس عشرة دقيقة حتى عاد الابن إليه وقد أعاد ترتيب الخريطة! فتساءل الأب مذهولا: “هل كانت أمك تعلمك الجغرافيا؟! رد الطفل قائلا: “لا، لكن كانت هناك صورة لإنسان على الوجه الآخر من الورقة، وعندما أعدت بناء الإنسان، أعدت بناء العالم”… كانت عبارة عفوية؛ ولكنها كانت جميلة وذات معنى عميق “عندما أعدت بناء الإنسان، أعدت بناء العالم”
نعم، إنه بناء الإنسان، نحتاج إعادة بناء الإنسان ،نحتاج إعادة بناء الإنسان المسلم حتى نعيد بناء الخريطة العالمية .

دمتم بود وصلى الله وسلم على خير الورى.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى